سورة الحجر - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}
{لَوَاقِحَ} فيه قولان، أحدهما: أنّ الريح لاقح إذا جاءت بخير، من إنشاء سحاب ماطر كما قيل للتي لا تأتي بخير: ريح عقيم.
والثاني: أن اللواقح بمعنى الملاقح، كما قال:
وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ ***
يريد المطاوح جمع مطيحة. وقرئ: {وأرسلنا الريح}، على تأويل الجنس {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} فجعلناه لكم سقيا {وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بخازنين} نفى عنهم ما أثبته لنفسه في قوله: {وَإِن مّن شَيْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ} كأنه قال: نحن الخازنون للماء، على معنى نحن القادرون على خلقه في السماء وإنزاله منها، وما أنتم عليه بقادرين: دلالة على عظيم قدرته وإظهاراً لعجزهم.


{وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)}
{وَنَحْنُ الوارثون} أي الباقون بعد هلاك الخلق كله.
وقيل للباقي {وارث} استعارة من وارث الميت، لأنه يبقى بعد فنائه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه: «اجعله الوارث منا» {وَلَقَدْ عَلِمْنَا} من استقدم ولادة وموتاً، ومن تأخر من الأوّلين والآخرين. أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد. أو من تقدم في الإسلام وسبق إلى الطاعة ومن تأخر. وقيل: المستقدمين في صفوف الجماعة والمتسأخرين.
وروي أن امرأة حسناء كانت في المصليات خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بعض القوم يستقدم لئلا ينظر إليها، وبعض يستأخر ليبصرها فنزلت {هُوَ يَحْشُرُهُمْ} أي هو وحده القادر على حشرهم، والعالم بحصرهم مع إفراط كثرتهم وتباعد أطراف عددهم {إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} باهر الحكمة واسع العلم، يفعل كل ما يفعل على مقتضى الحكمة والصواب، وقد أحاط علماً بكل شيء.


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27)}
الصلصال: الطين اليابس الذي يصلصل وهو غير مطبوخ، وإذا طبخ فهو فخار. قالوا: إذا توهمت في صوته مدّا فهو صليل، وإن توهمت فيه ترجيعاً فهو صلصلة. وقيل: هو تضعيف (صل) إذا أنتن. والحمأ: الطين الأسود المتغير. والمسنون: المصوّر، من سنة الوجه، وقيل: المصبوب المفرغ، أي: أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الصور من الجواهر المذوبة في أمثلتها. وقيل: المنتن، من سننت الحجرعلى الحجر إذا حككته به، فالذي يسيل بينهما سنين، ولا يكون إلا منتنا {مّنْ حَمَإٍ} صفة لصلصال، أي: خلقه من صلصال كائن من حمأ وحق {مَّسْنُونٍ} بمعنى مصور، أن يكون صفة لصلصال، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف، فيبس حتى إذا نقر صلصل، ثم غيره بعد ذلك إلى جوهر آخر {والجآن} للجن كآدم للناس. وقيل: هو إبليس.
وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: {والجأن}، بالهمزة {مِن نَّارِ السموم} من نار الحرّ الشديد النافذ في المسام. قيل: هذه السموم جزء من سبعين جزأ من سموم النار التي خلق الله منها الجانّ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8